العراق رابع أكبر مستورد من تركيا رغم جفاف دجلة و"حرب المياه"

في مفارقة اقتصادية لافتة، تتناقض فيها أولويات الحاجة المُلحة مع الواقع التجاري، أعلنت هيئة الإحصاء التركية اليوم السبت أن العراق احتلّ المرتبة الرابعة بين الدول الأكثر استيراداً من تركيا خلال شهر أيلول/سبتمبر الماضي، متجاوزاً عتبة المليار دولار، وذلك رغم تفاقم أزمة الجفاف التي تضرب البلاد وتُعزى جزئياً إلى استمرار تركيا في حجب كميات كبيرة من مياه نهري دجلة والفرات.
وبحسب تقرير لهيئة الإحصاء التركية، اطلعت عليه "وكالة فيديو الإخبارية" بلغت قيمة الصادرات التركية الإجمالية لشهر أيلول/سبتمبر 2025 ما يقرب من 22.576 مليار دولار. وقد جاء العراق رابعاً بقيمة استيراد بلغت مليار و 101 مليون دولار، متقدماً بذلك على إيطاليا.
تأتي هذه الأرقام التجارية الضخمة في وقت يمر فيه العراق بأخطر موجات الجفاف في تاريخه الحديث، حيث شهد نهر دجلة انخفاضاً غير مسبوق في مناسيب المياه، لدرجة وصلت إلى جفاف أجزاء واسعة من مجراه وتحول مناطق أخرى إلى مستنقعات راكدة.
وتُرجع الحكومة العراقية والخبراء سبب هذا التدهور إلى سياسات تركيا المائية، خاصة ملء السدود العملاقة التي أقيمت على نهري دجلة والفرات دون التزام باتفاقيات حصص المياه العادلة.
ويُشير المراقبون إلى أن العلاقة التجارية المرتفعة من المفترض أن تستغل كورقة ضغط  عراقية في ملف المياه، لكن دون جدوى فهو مُضطر للحفاظ على خطوط الإمداد الحيوية للسلع والبضائع والمواد الغذائية من تركيا، وفي الوقت ذاته يُعاني من "سلاح المياه" الذي تستخدمه أنقرة.
ويُوضح مختصون أن العراق يستورد معظم احتياجاته، وخاصة المواد الغذائية، من دول الجوار كتركيا وإيران. وتُمثل هذه الاستيرادات المرتفعة من تركيا انعكاساً لعجز العراق عن تحقيق الأمن الغذائي الذاتي، خاصة في ظل تدهور القطاع الزراعي المحلي، الذي تضرر بشكل مباشر من جفاف الأنهار وقلة المياه المتاحة للري.
وتطرح هذه البيانات تساؤلات جدية حول قدرة صانع القرار العراقي على الموازنة بين الحفاظ على تدفق السلع الاستهلاكية من تركيا، والضغط لضمان حصة العراق من المياه، والتي تُعد قضية أمن قومي تتهدد حياة ملايين المواطنين وسلامة بيئتهم.