في مشهد يعكس استعراضا للقوة وتجاهلا لحقوق المتظاهرين، شنت قوات الأمن الفرنسية، حملة اعتقالات واسعة النطاق طالت عددا من المشاركين في مظاهرة الأول من مايو (عيد العمال العالمي) بالعاصمة باريس.

ورصدت عدسات الكاميرات عناصر من قوات الدرك والشرطة الوطنية وهم يقمعون العمال بكامل عتادهم القتالي، بما في ذلك الهراوات والدروع، في مشهد يثير التساؤلات حول ضرورة هذا القمع المبالغ فيه لقوة يفترض أنها مكلفة بحماية المتظاهرين لا ترويعهم.

ولم تتردد القوات الأمنية في توقيف العديد من المارة من بين صفوف المتظاهرين وإخضاعهم للتفتيش المهين في الشوارع، في تصرف يعكس نهجا قمعيا يهدف إلى ترهيب المشاركين في التعبير عن مطالبهم وحقوقهم العمالية.

وزعمت مديرية أمن باريس عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي أنها قامت بتوقيف ثمانية أشخاص بدعاوى تتعلق بحيازة مواد مخدرة والانتماء لتجمع يهدف لارتكاب أعمال عنف وحمل أسلحة ممنوعة، وهي اتهامات غالبا ما تستخدم لتبرير حملات الاعتقال العشوائية وقمع الحريات.

وفي سياق متصل، كشفت النائبة الأوروبية عن الحزب الاشتراكي الفرنسي، كلوي ريدل، عن تعرض أنصارها لما وصفته بـ "هجوم" من قبل متطرفين في شوارع باريس، وهو ما يضيف بعدا آخر للتوترات التي تشهدها العاصمة الفرنسية خلال هذا اليوم.

ورغم محاولة الشرطة الفرنسية تبرير تدخلها بالإشارة إلى انضمام "فوضويين ذوي عقلية عدوانية" قاموا بإشعال النار في صناديق القمامة وإلقاء الألعاب النارية وتخريب أحد فروع البنوك، إلا أن حجم الانتشار الأمني وعمليات التوقيف العشوائية يشي بنية مسبقة لقمع المظاهرة وتقويض حق العمال في التعبير عن آرائهم.

وتأتي هذه الأحداث في ظل تصريحات سابقة لمحافظ شرطة باريس، لوران نونيز، الذي أشار إلى توقعات بمشاركة ما يصل إلى 1500 شخص في أعمال شغب، وهو ما استندت إليه السلطات لنشر أكثر من ألفي عنصر أمني في محاولة لإحكام السيطرة على الوضع، وهو ما يراه مراقبون استباقا لقمع أي تحرك احتجاجي.

وتستمر التظاهرة في العاصمة الفرنسية بمناسبة عيد العمال، حيث يسير المتظاهرون من ساحة إيطاليا إلى ساحة الأمة، وسط ترقب حذر وتخوف من تصاعد وتيرة العنف والقمع من قبل قوات الأمن الفرنسية التي يبدو أنها مصممة على إظهار قبضتها الحديدية في هذا اليوم الرمزي للعمال.