نشرت صحيفة هم ميهن الإصلاحية الايرانية السبت 27 سبتمبر/أيلول 2025، تقريرا ذكرت فيه أن مصر عززت مؤخرا من وجودها العسكري في صحراء سيناء، وقد خلص بعض المراقبين، بالاستناد إلى تاريخ الصراع بين إسرائيل ومصر، إلى أن إسرائيل قد تعتبر هذه الخطوة المصرية تصعيدا للتوتر، وربما تقدم على تحركات عسكرية في مواجهة هذا الوجود العسكري في سيناء.
ليصلك المزيد من
الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
وأضافت الصحيفة أنه من غير المرجح أن يؤدي تعزيز الوجود العسكري المصري في شبه جزيرة سيناء إلى حرب مع إسرائيل.
وتابعت أن احتمالات وقوع اشتباكات متفرقة بين مصر وإسرائيل قد تزداد خلال الأشهر المقبلة، فإذا لم تخفّض مصر وجودها العسكري في صحراء سيناء، يمكن أن تلجأ إسرائيل إلى تعليق عقد ضخم في مجال الطاقة وقّعته مع مصر، لإجبار القاهرة على البحث عن مصادر بديلة للطاقة التي تستوردها من إسرائيل
وأردفت أنه بحسب تقرير نشره موقع أكسيوس في 20 سبتمبر/أيلول 2025 نقلا عن مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، طلب من وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، خلال زيارته لإسرائيل من 14 إلى 16 سبتمبر/أيلول 2025، أن يمارس ضغوطا على مصر من أجل خفض عدد القوات المصرية المنتشرة في سيناء.
وأوضحت أن هذا الطلب يأتي في وقت نشرت فيه مصر، منذ أواخر أغسطس/آب 2025، نحو 40 ألف جندي في صحراء سيناء لتعزيز وجودها العسكري قرب الحدود مع قطاع غزة.
وأكَّدت أن هذه الخطوة جاءت ردا على قرار مجلس الوزراء الأمني الذي يترأسه نتنياهو بإعطاء أوامر للجيش الإسرائيلي بتنفيذ عملية عسكرية واسعة في غزة وقبل الشروع في عملية برية كبيرة هناك، ومع ذلك، حاولت إسرائيل حتى الآن ألا تدفع التوتر مع مصر إلى مستويات عالية، لكن موقع أكسيوس ذكر أن مسؤولين إسرائيليين يعتبرون هذه التحركات المصرية خرقا صريحا لمعاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979.
وأبرزت أن الإسرائيليين يرون أن بعض الإجراءات المصرية، مثل توسيع مدارج الطائرات التي يمكن أن تستضيف مقاتلات حربية، وإنشاء بنى تحتية عسكرية في مناطق يُسمح فيها بموجب اتفاق 1979 بوجود أسلحة خفيفة فقط، وبناء منشآت تحت الأرض يمكن أن تُخزن فيها الصواريخ، تمثل خرقا لمعاهدة السلام، ومع ذلك، لم تصدر أي تقارير أو أدلة حتى الآن تثبت أن هذه المنشآت تحت الأرض كانت تستخدم فعلا لتخزين الصواريخ.
وبيَّنت أن معاهدة السلام الموقعة عام 1979 بين مصر وإسرائيل تنص على أن يقتصر عدد القوات التي يمكن لمصر نشرها في صحراء سيناء على نحو 26 ألف جندي، وأن يُسمح فقط بعدد محدود من عناصر الأمن بالوجود قرب الحدود المصرية مع إسرائيل، ومع هذا، شهدت المعاهدة تعديلات استثنائية متوافقة مع حالات الطوارئ جرى التنسيق بشأنها بين مصر وإسرائيل.
وأبلغت أنه في عام 2011 عززت مصر وجودها العسكري في سيناء لمكافحة الإرهاب بالتنسيق مع إسرائيل.
وأظهرت أنه خلال حرب حماس وإسرائيل، شدد المسؤولون المصريون على أن أي محاولة من جانب إسرائيل لتنفيذ خطة ترحيل قسري للفلسطينيين ستُعتبر خطا أحمر بالنسبة لمصر، ويخشى المصريون من احتمال تدفق فلسطينيي إلى أراضيهم إذا ما أُجبروا على النزوح.
وأشارت إلى أن بعض التقديرات تشير إلى أن العملية العسكرية الواسعة التي تشنها إسرائيل للسيطرة على مدينة غزة وتوسيع وجودها العسكري في مخيمات اللاجئين وسط القطاع بهدف مواجهة تمرد حماس، قد تدفع بما يصل إلى مليون فلسطيني من سكان غزة نحو الجنوب باتجاه الحدود المصرية.
وأفادت بأن الحدود بين مصر وإسرائيل شهدت بين الحين والآخر اشتباكات قرب المعابر الحدودية، ففي يونيو/حزيران 2023، تسلل أحد عناصر الأمن المصري إلى داخل الأراضي الإسرائيلية وقتل ثلاثة جنود إسرائيليين وأصاب اثنين آخرين، وفي مايو/أيار 2024، قُتل جندي مصري في مواجهة حدودية مع جنود إسرائيليين، وفي كلا الحادثتين، سارع الطرفان إلى تهدئة الأوضاع لتفادي تصعيد أكبر.
وذكرت أن الحشد العسكري المصري في صحراء سيناء يعكس تصاعد القلق من الاستراتيجية الإسرائيلية التوسعية والخطيرة في المنطقة، فمصر تخشى بوضوح أن تكون إسرائيل عازمة على دفع الفلسطينيين نحو سيناء، ومنذ هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أظهر نتنياهو مرارا استعداده لتحمل أي مخاطرة والإقدام على خطوات تصعيدية.
وأكَّدت أنه رغم المناخ الدولي السلبي حيال خطط نتنياهو في غزة والإدانة المتزايدة للعمليات العسكرية في غزة والضفة الغربية، لا يزال يضع حملة الضغط القصوى على حماس في صدارة أولوياته.
وأوضحت أن هذا الخطاب يُعد تحولا لافتا مقارنة باللهجة البراغماتية التي اعتاد المسؤولون المصريون استخدامها في توصيف علاقتهم بإسرائيل.
وأبرزت أنه بعد هجوم 9 سبتمبر/أيلول 2025 على الدوحة، صرّح نتنياهو بأن إسرائيل ستستهدف قيادة حماس أينما كانوا، وقد زاد ذلك من احتمالات أن تفكر إسرائيل في ملاحقة قادة حماس حتى داخل الأراضي المصرية، وخلال المفاوضات بين حماس وإسرائيل، التي جرت بوساطة مصرية بهدف الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، سافر كبار مسؤولي حماس مرارا إلى القاهرة للتباحث حول أحدث العروض والشروط المطروحة للتوصل إلى اتفاق.
وجزمت بأن الهجوم الإسرائيلي جاء على قطر في وقت كانت فيه تقارير تفيد بأن قادة حماس يدرسون مقترحا لوقف إطلاق النار مدعوما من الولايات المتحدة.
وأوردت أن مصر تعتمد على واردات الغاز الطبيعي من إسرائيل لتلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة، إذ تؤمن هذه الواردات ما بين 15 إلى 20 في المئة من استهلاك الغاز الطبيعي المصري، ورغم أن القاهرة لجأت إلى استيراد شحنات من الغاز الطبيعي المسال (LNG) لتغطية العجز، فإن الغاز المستورد من إسرائيل يظل أقل كلفة.
وبيَّنت أن الحرب بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 قد تسببت أحيانا في تعطيل صادرات الغاز إلى مصر، فعلى سبيل المثال، توقفت عمليات الاستخراج في حقل ليفياثان لفترة قصيرة في ذروة التوتر عقب هجوم حماس على إسرائيل.
وبيَّنت أن الإسرائيليين يعتبرون أن مواجهة مصر في هذه المرحلة خيار غير مرغوب فيه استراتيجيا نظرا لانشغالها بعدة جبهات في الوقت ذاته، ومع ذلك، تزيد العقيدة العسكرية الهجومية لإسرائيل من احتمال أن تُقابل أي حادث حدودي بردود فعل سريعة وحادة بدلا من ضبط النفس.
وأشارت إلى أن المشاعر المعادية لإسرائيل بين الرأي العام وأوساط المؤسسة العسكرية في مصر تفرض ضغوطا سياسية على القاهرة لتتخذ موقفا متشددا وتقاوم ما يُعتبر تواطؤا مع جرائم إسرائيل.
ونبَّهت إلى أن الخلافات السياسية، خصوصا المتعلقة بالوضع الإنساني في غزة، وإدارة المعابر، ومسألة نزوح الفلسطينيين، قد تؤدي إلى أعمال انتقامية محلية على شكل اشتباكات حدودية، أو عمليات قنص، أو تبادل محدود لنيران المدفعية، ورغم أن مثل هذه الحوادث شبه المؤكد أنها لن تتطور إلى صراع طويل الأمد، فإنها قد تهدد استقرار معاهدة السلام وتضعف جهود الوساطة لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس.
ولفت إلى أن إسرائيل قد اتهمت مرارا مصر بالتساهل مع الأنفاق وشبكات التهريب بين غزة وسيناء، بينما تعتبر القاهرة هذه الاتهامات ذات دوافع سياسية، ومن المرجح أن تعيد إسرائيل إثارة هذا الملف في الأشهر المقبلة، خصوصا إذا سعت إلى صرف الأنظار عن مسؤوليتها إزاء صمود حماس في غزة.
وأبلغت أنه إذا لم تخفّض مصر قواتها بالقرب من الحدود، يمكن لإسرائيل أن تعلّق اتفاقية ليفياثان، الأمر الذي سيجبر القاهرة على تنويع مصادر الطاقة لديها، ومع ذلك، فإن شراء الغاز الطبيعي المسال (LNG) الأعلى تكلفة سيضع مزيدا من الضغوط على الاقتصاد المصري، ومن المرجّح أن تواصل إسرائيل استخدام اتفاقية ليفياثان كأداة ضغط على مصر لدفعها إلى تقليص وجودها العسكري على طول الحدود ووقف بناء المنشآت العسكرية في سيناء.
وتابعت أنه إذا لم تخفّض مصر وجودها العسكري على الحدود بشكل ملحوظ، قد تعلّق إسرائيل الاتفاقية، وهو ما سيجعل مستقبل صادرات الغاز الطبيعي الإسرائيلية إلى مصر موضع شك، والجدير بالملاحظة أن تعطّل الإمدادات لفترة طويلة سيشجع القاهرة على تنويع مصادر الطاقة عبر شراء مزيد من شحنات الغاز الطبيعي المسال.
وأكَّدت أن القاهرة قد استلمت حتى الآن شحنات من شركات مثل أرامكو السعودية، وشل، وترافيغورا حتى مطلع عام 2026، ومن المتوقع أن يرتفع المعروض العالمي من الغاز الطبيعي المسال في السنوات المقبلة مع دخول موارد جديدة من قطر والولايات المتحدة، غير أنّ التعويض الفوري للنقص المنتظر من الغاز الإسرائيلي عبر LNG سيكون أكثر تكلفة في البداية.
وأردفت أنه رغم أنّ مصر باتت تملك مرونة أكبر في زيادة واردات الطاقة بفضل ارتفاع احتياطاتها من النقد الأجنبي، فإن الاقتصاد لا يزال هشا، وزيادة تكاليف الاستيراد قد تفرض ضغوطا اقتصادية إضافية وتؤدي على الأرجح إلى التضخم.
وأشارت إلى أنه في المرحلة الأولى من اتفاق ليفياثان، ستزوّد إسرائيل مصر بحوالي 20 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا بحلول عام 2026، وذلك بعد ربط خطوط أنابيب إضافية، أي ما يعادل ضعف حجم عام 2024 تقريبا، وكان من المتوقع أن تؤدي هذه الاتفاقية إلى خفض واردات مصر السنوية من الغاز الطبيعي المسال بمقدار 1 إلى 2 مليار متر مكعب سنويا.
وفي الختام أقرَّت الصحيفة بأنه بين عامي 2024 و2025، حصلت مصر على نحو 11 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال، وقد بلغ احتياطي النقد الأجنبي المصري في أغسطس/آب 2025، مستوى قياسيا قدره 49.25 مليار دولار، وذلك بعد اتفاق قرض بقيمة 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي، وعقد استثمار مع شركة تطوير إماراتية، واتفاقية تعاون استراتيجي مع الاتحاد الأوروبي، وكلها أُبرمت في عام 2024، إضافة إلى زيادة في تحويلات المصريين العاملين في الخارج.