الحمد لله رب العالمين .. اللهم صلِّ على محمد وآل محمد .
فيا مولاي : يقيني أن الخير كل الخير في الكتابة عنك وإليك ، لأنها منك وبفضلك ! بل إني أخجل من أن اذكركَ في هذه العُجالة لعظمة قدركَ عندي ، وأنتَ الغني عن ذكري .
فإذا قلنا يا جواد .. بدأت رحلة العشق الولائي !
عن الإمام الرضا (ع) : إذا كان يوم القيامة ولِينا حساب شيعتنا ، فمن كانت مَظلمته فيما بينه وبين الله عزوجل حكمنا فيها فأجابنا ، ومن كانت مظلمته فيما بينه وبين الناس استوهبناها فوهبوها لنا ، ومن كانت مظلمته فيما بينه وبيننا كنا أحق من عفا وصفح .
هو الإمام محمد بن علي التقي الجواد (ع) .. غصنٌ من أغصان الشجرة النبوية الطيِّبة.
أما أمه فقد قال عنها ابنها الإمام الهادي (ع) :
امّي عارِفَةٌ بِحَقّي ، وَهِي مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، لَا يَقْرُبها شَيْطانٌ مارِدٌ ، وَلَا يَنالُها كَيْدُ جَبّار عَنيد ، وَهي مَكْلُؤَةٌ بِعَيْنِ اللهِ الَّتي لَا تَنامُ ، وَلَا تَخْتَلِفُ عَنْ امَّهاتِ الصِّدّيقينَ وَالصّالِحينَ .
قال الراوي للإمام الجواد (ع) : يا سيدي إن الناس ينكرون عليك حداثة سنك ، فقال : وما ينكرون من ذلك قول الله عز وجل ، لقد قال الله عزّ وجلّ لنبيه (ص) : (قل هذه سبيلي ادعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) فو الله ما تبعه إلاّ علي (ع) وله تسع سنين وأنا ابن تسع سنين .
فقد قضت حكمة الله عز وجل أن يعطي النبوة لثلاثة أنبياء وهم أطفال ، وهم سليمان (ع) وكان عمره عشر سنين وعيسى (ع) أعطي النبوة وهو في المهد ويحيى (ع) أعطي النبوة وهو صبي .. كما أعطى الله الإمامة لثلاثة أوصياء وهم أطفال ، وأولهم الإمام الجواد (ع) وكان عمره سبع سنوات ، وابنه الإمام الهادي (ع) وكان عمره نحو سبع سنوات أيضاً ، والإمام المهدي (عج) وكان عمره عند شهادة أبيه (ع) خمس سنوات .
لقد اشتهر عند الخاصة والعامة كرم الإمام الجواد (ع) ، بل لكثرة عطائه وسخائه قالوا أنه لقب بالجواد في حياته ، ولقّب بـ (باب المراد) بعد شهادته لشدة قضاء الحوائج عند التماس قبره الشريف .
لقد كان هذا الإمام العظيم أحد المؤسسين لفقه أهل البيت (عليهم السلام) والذي يمثل الإبداع والأصالة وتطور الفكر . ودلّل الإمام (ع) بمواهبه وعبقرياته وملكاته العلمية الهائلة التي لا تُحدّ ، على الواقع المشرق الذي تذهب إليه الشيعة الإمامية من أن الإمام لابد أن يكون أعلم أهل زمانه وأفضلهم من دون فرق بين أن يكون صغيراً أو كبيراً ، فإن الله أمدّ أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بالعلم والحكمة وفصل الخطاب ، كما أمدَّ أُولي العزم من أنبيائه ورسله .
بعد أن تربع المعتصم العباسي اخو المأمون العباسي الذي انتهى عهده في سنة (218 هـ) على كرسي الخلافة لم يسمح للإمام الجواد (ع) بالتحرّك ويراقب - بكل دقّة - النشاط الاجتماعي والسياسي للإمام (ع) ثمّ يغتاله على يد ابنة أخيه المأمون ، المعروفة بأم الفضل والتي زوّجها المأمون من الإمام الجواد (ع) ولم تنجب له من الأولاد شيئاً ، وذلك في سنة (220 هـ) .
وهكذا قضى المعتصم على رمز الخط الهاشمي وعميده ، الإمام محمّد التقي أبي جعفر الجواد (ع) .
اللهم أرزقنا زيارة الإمام الجواد وارزقنا شفاعته بحق محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين .