في تطور لافت يعكس حجم المأزق الإسرائيلي المتفاقم، نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية تصريحات صادمة من داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مفادها أن “إسرائيل ستكون مستعدة لوقف إطلاق النار غدًا إذا أعلن المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أنه يريد ذلك”، في اعتراف ضمني بأن قرار الحرب والسلم بات بيد طهران وليس في تل أبيب.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
هذا التصريح، وإن بدا للوهلة الأولى مجرد تحليل إعلامي، إلا أنه يحمل بين طياته رسالة عميقة: الاحتلال يعترف لأول مرة بشكل غير مباشر بفشل استراتيجيته العسكرية، ويفقد زمام المبادرة في صراعه مع محور المقاومة.
من الردع إلى الردع المعاكس
منذ انطلاق العدوان الإسرائيلي على غزة وامتداده إلى الجبهات الشمالية مع حزب الله، ظلت إسرائيل تزعم أنها تقاتل “لتفكيك البنى التحتية للإرهاب”، بينما كانت في الواقع تتلقى ضربات مركزة ومتصاعدة من جهات متعددة، تجاوزت حدود غزة لتصل إلى العمق الإسرائيلي من الجنوب إلى الشمال.
اليوم، وبعد أشهر من القصف والتصعيد، تجد إسرائيل نفسها محاصرة سياسياً وعسكرياً، حيث فشلت في تحقيق أي من أهدافها المعلنة، بينما ازداد تماسك الجبهات المعادية لها، بل وتحولت طهران إلى مرجعية سياسية وعسكرية تُحسب لها الحسابات في تل أبيب.
سقوط وهم التفوق الإسرائيلي
تصريح يديعوت أحرونوت لا يمكن فصله عن المأزق الذي تعيشه حكومة الاحتلال، خاصة مع انهيار صورة “الجيش الذي لا يُقهر” أمام مقاومة عنيدة ومدروسة، ومع ارتفاع كلفة الحرب إنسانيًا واقتصاديًا وسياسيًا على المجتمع الإسرائيلي.
فحين تقول واحدة من أوسع الصحف انتشارًا في إسرائيل إن “القرار لم يعد بأيدينا”، فهي بذلك تعترف بشكل صريح بأن إسرائيل فقدت القدرة على فرض شروطها، وأن ما كان يُعتبر سابقًا خطوطًا حمراء بات اليوم يخضع لحسابات محور المقاومة، وعلى رأسه إيران.
إسرائيل تبحث عن مخرج
بينما تعاني الحكومة الإسرائيلية من ضغوط داخلية وخارجية متصاعدة، يبدو أن حديثها عن قبول وقف إطلاق النار هو محاولة للبحث عن سلم للنزول من شجرة التصعيد التي علقت بها، دون أن تعترف رسميًا بالهزيمة.
لكن، وبحسب المراقبين، فإن القبول بوقف إطلاق النار المشروط بقرار خامنئي يعني بوضوح أن إسرائيل تقر بأن ميزان القوة قد تغير جذريًا، وأن زمن الهيمنة العسكرية الأحادية في المنطقة قد ولى، لتحل مكانه معادلة جديدة عنوانها: الردع المتبادل، وربما الردع المعاكس