Weather Data Source: 30 days weather Baghdad
بغداد
عاجل

الناطق الرسمي بأسم الوكالة الذرية الايرانية .. القنبلة النووية أسهل ما يمكن صنعه.. وقدراتنا ليست كالعراق أو ليبيا

#
کاتب ١    -      32 مشاهدة
24/12/2025 | 01:32 AM

حوارا مطولا مع بهروز كمالوندي، المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية ونائب رئيسها، تناول فيه أبعاد حرب الأيام الاثني عشر، وتداعيات الهجمات العسكرية على المنشآت النووية، ومواقف طهران من المفاوضات النووية.

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام 

إذ أكد المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن إيران مستعدة للتعاون والتفاعل إذا كانت لدى الدول الأوروبية والولايات المتحدة مخاوف مشروعة، مشددا على أن النقطة الجوهرية تكمن في إقناع الأطراف المقابلة بأن المطالب غير الواقعية التي تطرحها بشأن إيران وبرنامجها لتخصيب اليورانيوم، ولا سيما مطلب «التخصيب الصفري»، غير قابلة للتنفيذ.
واستعاد كمالوندي تفاصيل حرب الأيام الاثني عشر، متحدثا عن الساعات الأولى التي بدأت مع سماع دويّ الانفجارات، وهي لحظات سرعان ما تحولت إلى حالة استنفار كاملة، شملت اتصالات طارئة، والحضور الفوري إلى مقر المنظمة، والانخراط في إدارة واحدة من أعقد وأصعب الأزمات في تاريخ الصناعة النووية الإيرانية.
وأشار إلى الأجواء التي سادت منظمة الطاقة الذرية خلال الهجمات العسكرية التي استهدفت المواقع النووية، مؤكدا أنه إلى جانب القلق إزاء أبعاد العدوان العسكري والغضب من تلك الاعتداءات، تولّد دافع مضاعف لدى العاملين لإدارة الموقف، ما دفع مختلف الأقسام إلى تولي إدارة الأزمة بأقل عدد ممكن من الكوادر، ولكن بأعلى درجات التركيز والانضباط.
وأوضح، في سياق شرحه للإجراءات المتخذة خلال أيام الحرب الاثني عشر، أنه على الرغم من تعرض بعض المراكز لأضرار، لم تسجَّل أي تسربات أو تلوثات نووية خارج المواقع، كما استمرت عمليات الرصد الإشعاعي على مدار الساعة طوال فترة المواجهات، بهدف ضمان سلامة المواطنين والحفاظ على معايير الأمان النووي.
وفي ما يتعلق بالأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية، ولا سيما مراكز التخصيب، رأى كمالوندي أن التجارب السابقة في مواجهة أعمال التخريب والهجمات على المنشآت النووية أظهرت أن الصناعة النووية الإيرانية كانت في كل مرة تُعاد بناؤها بجودة أعلى، معتبرا أن الحرب الأخيرة عززت هذا الدافع والقدرة أكثر من أي وقت مضى.
وأضاف أن الشعور بالأسى إزاء تدمير ما تم بناؤه أمر طبيعي، غير أن التجربة أثبتت أن كل ضربة لم تؤدِّ إلى توقف الصناعة النووية، بل كانت مقدمة لعودتها بقوة أكبر ومستوى أعلى من الكفاءة والجودة.
واعتبر كمالوندي أن أحد أبرز الإشكالات في الملف النووي داخل البلاد يتمثل في ضعف الإحاطة الدقيقة لدى بعض النخب والأكاديميين بالجوانب السياسية والفنية لهذا الملف، مشيرا إلى أنه قد لا يكون الرأي العام مطّلعا على تفاصيل القضية، لكن غياب الفهم الدقيق لدى النخب واتخاذ مواقف غير مدروسة من شأنه أن يخلّف آثارا بالغة السلبية على المجتمع والرأي العام.

نخب لا تزال تجهل أهمية امتلاك القدرات النووية والصاروخية
أكد المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن الملف النووي، ومن بعده القدرات الصاروخية، يتمتعان بأهمية بالغة بالنسبة للبلاد، موضحا أنه لو لم تكن هذه القضايا ذات شأن استراتيجي، لما وضعها الأعداء في صدارة استهدافهم. وأضاف: لقد رأينا خلال حرب الأيام الاثني عشر مدى أهمية امتلاك صناعة صاروخية وقدرة على تصنيع مختلف أنواع الصواريخ، ومع ذلك لا تزال لدينا نخب لا تدرك أهمية امتلاك القدرات النووية والصاروخية ولا تستوعب أبعادها الحقيقية.
وتابع قائلا: ربما لو بقيتُ في وزارة الخارجية وواصلت عملي هناك، من دون أن أتعرف عن قرب إلى الجوانب الفنية والسياسية للملف النووي، لكنتُ اعتقدتُ أن القضية النووية تسبّب للبلاد مشكلات أكثر مما تحقق منافع، وكنتُ سأطرح السؤال: لماذا نسعى إليها؟ غير أنني خلال الأعوام الثلاثة عشر التي قضيتها في منظمة الطاقة الذرية، واطلعتُ فيها مباشرة على أبعاد هذه الصناعة، أدركتُ بوضوح الأهمية الاستراتيجية لامتلاك هذه التكنولوجيا.
وأشار إلى أن العالم المعاصر يمنح القدرات النووية مكانة محورية في حسابات الدول، لافتا إلى أن وثيقة استراتيجية الأمن القومي الأميركي التي نُشرت مؤخرا شددت على الردع النووي للولايات المتحدة في المستقبل، ثم على قدراتها في مجالي الكوانتوم والذكاء الاصطناعي، مع فارق أن التكنولوجيا النووية تمتلك سجلا يمتد لأكثر من ثمانين عاما، ولا تزال أهميتها قائمة بقوة.
إنشاء المفاعلات عملية معقدة وتقنية
قال كمالوندي إن روسيا طوّرت مؤخرا واختبرت طوربيدا نوويا يعمل بمحرك ذي دفع نووي، ما أدى إلى الإخلال بتوازن القوى مع الولايات المتحدة، معتبرا أن ذلك يثبت أن السيطرة على البحار لم تعد ممكنة من دون التكنولوجيا النووية. وأضاف أن الغواصات تتجه تدريجيا إلى الاعتماد على المحركات النووية، وكذلك الصواريخ التي تُزوّد بأنظمة دفع نووية، مشددا على أن الدولة التي لا تمتلك القوة، لا يكون لها وزن يُذكر، ولا سيما إذا أرادت الجمع بين القوة والاستقلال في آن واحد.
وأوضح أن امتلاك القوة مع الحفاظ على الاستقلال يجعل المهمة أكثر صعوبة، إذ يمكن لأي دولة أن تعتمد على قوى أخرى، فتُمنح علما وتكنولوجيا بشكل محدود وخاضع للرقابة. 
وأكد أن أسهل ما يمكن صنعه هو القنبلة النووية، لأنها لا تتطلب التحكم في الوقود، إذ تنفجر دفعة واحدة، بينما يُعد بناء محطة نووية عملية بالغة الصعوبة والتعقيد، نظرًا إلى الحاجة المستمرة للتحكم في الوقود وفي مستويات التفاعلات النووية بدقة عالية.
دعم شعبي واسع للصناعة النووية
وأشار نائب رئيس منظمة الطاقة الذرية إلى الحاجة الماسّة لأن تقوم مراكز الأبحاث والجامعات بإنتاج محتوى علمي ومعرفي موجّه إلى النخب، موضحا أن مراكز التفكير والمؤسسات الأجنبية تنتج كمّا هائلا من المحتوى الذي يستهدف النخب والرأي العام في إيران، وهو ما يستدعي التعامل معه بجدية. 
واعتبر أن من المؤسف أن يُبدي أشخاص يفتقرون إلى المعرفة الدقيقة والعميقة في هذا المجال آراءً مؤثرة، مضيفًا أن هذه المشكلة لا تنطبق على عامة الناس، إذ يتمتع الشعب، بشكل عام، بدعم قوي للصناعة النووية.
وأوضح أن السنوات الأخيرة شهدت خلق ثنائية «المعيشة مقابل النووي»، وما رافقها من إرباكات، إلا أن الدعم الشعبي للصناعة النووية لا يزال قائما في المجمل.
وأضاف كمالوندي أن رئاسة منظمة الطاقة الذرية ركزت على ربط التطبيقات النووية بحياة المواطنين اليومية، بما يضمن تنمية هذا القطاع جنبا إلى جنب مع سائر القطاعات. وأشار إلى أن إيران تُعد من بين الدول الخمس أو الست الأولى عالميا، من حيث الكم والنوع، في مجال الأدوية المشعة، مرجّحا أن يشهد هذا القطاع تطورا أكبر في المستقبل القريب. 
كما لفت إلى تحقيق تقدم ملحوظ في مجالي الزراعة والصناعة، مؤكدا أنه لا توجد صناعة حديثة تخلو من أدوات القياس والأنظمة الدقيقة المعتمدة على التكنولوجيا النووية، وهي تجهيزات باهظة الثمن كانت تُحجب عن إيران بسبب العقوبات، لكنها تُنتَج اليوم محليا.
وختم بالإشارة إلى التقدم المحرز في مجال الليزر، ولا سيما في التطبيقات الطبية والصناعية والدفاعية، متسائلا: إذا لم تكن هذه الإنجازات ذات أهمية حقيقية، فلماذا تقضي طائرات «إف-35» الأميركية ستا وثلاثين ساعة في التحليق من أجل استهداف المنشآت النووية الإيرانية؟
الصناعة النووية الإيرانية ليست كليبيا والعراق
أكد كمالوندي أنه إذا لم يكن تحقيق هذه الإنجازات في مختلف المجالات ذا أهمية، فلماذا تمضي الطائرات الأميركية من طراز إف-35 ستا وثلاثين ساعة لتأتي وتستهدف المنشآت النووية الإيرانية؟، مشددا على أن الصناعة النووية في إيران لا تشبه ما كان قائما في ليبيا أو العراق، حيث يؤدي تدمير المنشآت إلى ضياع كل شيء.
وأوضح أن إيران تمتلك معرفة علمية متجذّرة وكوادر بشرية عالية الكفاءة، وهي عناصر لا يمكن القضاء عليها عبر استهداف المنشآت. وأضاف أن هذا هو السبب وراء سعي الأعداء، في الماضي والحاضر، إلى استهداف أساتذة الجامعات، في محاولة لإبعاد الموارد البشرية الإيرانية لعدة أجيال عن هذا العلم وهذه التكنولوجيا.
وتابع كمالوندي، في سياق هذا الحوار، حديثه عن الأجواء التي سادت الساعات الأولى عقب سماع نبأ الهجمات على المنشآت النووية في البلاد، وعمليات اغتيال عدد من المتخصصين والشخصيات السياسية والعسكرية، وكيفية إدارة الأزمة في تلك الأيام العصيبة. وقال : أثناء صلاة الفجر سمعت دوي الانفجارات، وسرعان ما تحركت مع زملائي لتقييم الوضع، ووصلنا إلى مقر المنظمة صباحا، وزرت بعض المواقع النووية في اليوم نفسه أو الذي يليه.

تدريبات مسبقة على إدارة الأزمات
وأضاف المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية: «كنا قد أجرينا مسبقا تدريبات على التعامل مع حالات الطوارئ، وكانت لدينا تعليمات واضحة لما يجب القيام به في مثل هذه الظروف، بدءا من الخطوات الأولى. وكان من الضروري إجراء تقييم سريع للأوضاع ورصد الهجمات. ومع استمرار الاعتداءات في الأيام التالية، أصبح من اللازم التواصل مع الزملاء الذين تم تحديدهم مسبقا لإدارة الأزمات، والذين كانوا على دراية تامة بالمهام الموكلة إليهم، من أجل تبادل المعلومات اللازمة”.
وأوضح أنه تم تشكيل عدة فرق لهذا الغرض، كان من بينها فريق مختص بالمجال القانوني والدولي، إلى جانب التواصل مع الرأي العام ووسائل الإعلام، وهو المجال الذي كان يتولى مسؤوليته.
لم نكن نعتبر الأوضاع طبيعية
وعن الحالة النفسية والعملية للعاملين في ظل الهجمات وعمليات الاغتيال، قال كمالوندي إن النقطة الأهم تمثلت في تولّد دافع مضاعف لدى العاملين للحضور والمشاركة الفاعلة. 
وأشار إلى أن المنظمة تمتلك خبرة سابقة في التعامل مع حالات التخريب، والتفجيرات، والهجمات بالطائرات المسيّرة، والهجمات السيبرانية وغيرها، وأن تلك التجارب وفّرت دروسا مهمة، غير أن أيا منها لم يكن بهذا الاتساع. وأضاف: “كنا قد اتخذنا إجراءات احترازية مسبقة، لأننا لم نكن نعتبر الأوضاع طبيعية، حتى إننا أعددنا بيانات مسبقة تتعلق بكيفية إطلاع المواطنين على المستجدات”.
وختم بالقول إنه مع تداول أنباء متضاربة حول احتمال تسرب تلوث نووي في البلاد، أصدرت المنظمة بيانات رسمية نفت وجود أي تلوث، موضحا أن جزءا من تلك الأجواء كان ناتجا عن توتر الحرب والهجمات، فيما كان جزء آخر نتيجة محاولات التأثير والتضليل من جانب العدو.
غياب ردّ الفعل والإدانة في الوقت المناسب من الوكالة كان بمثابة ضوء أخضر لإسرائيل لمهاجمة إيران
قال كمالوندي إن جزءا آخر من نشاط المنظمة في تلك الأيام، ولا سيما في الساعات الأولى، تمثّل في إقامة تواصل وتفاعل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، موضحا: «باشرنا على الفور بالإجراءات الرقابية والحقوقية، ووجّهنا المراسلات اللازمة. غير أن لدينا توقعات من الوكالة لم تتحقق. فقد سبق بدء الهجمات تلقي تهديدات جدّية، وفي هذا السياق بعثنا برسائل إلى الوكالة طالبنا فيها بإدانة التهديدات الإسرائيلية. وربما لو جرى ذلك في حينه، لما وصلت الهجمات إلى هذا المستوى. وبعبارة أخرى، فإن غياب رد الفعل والإدانة في الوقت المناسب من الوكالة شكّل ضوءا أخضر لإسرائيل لشنّ الهجوم على إيران”.
وأضاف أنه خلال الهجمات التي استمرت اثني عشر يوما، تم توجيه ثلاث أو أربع رسائل إلى الوكالة، جرى فيها شرح أوضاع المواقع النووية والظروف التي كانت تمر بها والهجمات التي تعرضت لها. كما قامت إيران بالإبلاغ عبر المنصة التخصصية (UC)، الخاصة بالإخطار الطوعي للدول في مجال السلامة النووية، بهدف إطلاع المجتمع الدولي على وضع إيران وما تتعرض له منشآتها النووية من اعتداءات عسكرية.

لم نواجه تلوثا من النوع النشط 
وحول كيفية رصد الإشعاعات النووية أثناء الحرب في محيط وداخل المواقع النووية، ولا سيما في الأقسام التي تحتوي على مواد نووية فعّالة أو غير فعّالة، أوضح كمالوندي أن احتمال وقوع الحوادث قائم في المنشآت النووية، تماما كما هو الحال في المصافي النفطية، ولذلك يجري الاستعداد الدائم لمثل هذه الظروف، ولا سيما في ما يتعلق بتلوث المواد.
وأضاف أن العاملين داخل المنشآت النووية يحملون دائما أجهزة قياس الجرعات الإشعاعية (دوزيمتر) لمراقبة أي احتمال لتسرّب المواد، مشيرا إلى وجود بروتوكولات دقيقة وواضحة في هذا الشأن. وتابع: “في ظل الهجمات، شهدت بعض المواقع النووية حالات تلوث داخلية، لكنها كانت تخضع لرصد مستمر، بهدف طمأنة المواطنين بأن أي تلوث لم يتسرّب إلى خارج المواقع”.
وفي ردّه على سؤال حول ما إذا كانت إيران قد احتاجت، في ظل الهجمات العسكرية غير المسبوقة، إلى مساعدات دولية من دول أخرى أو من الوكالة للحفاظ على سلامة المنشآت أو المواد أو العاملين، قال كمالوندي إن التلوث قد يكون أحيانا ناتجا عن مواد نووية نشطة ومشعّة، وأحيانا أخرى عن مواد غير نشطة. وإذا وُجدت المواد في وضع نشط، فإن الأمر يتطلب مراقبة دقيقة، نظرا لاتساع نطاق الإشعاع واحتمال خروجه عن السيطرة.
وأوضح أن مستوى وكمية المواد النووية النشطة في إيران لم تكن من الحجم الذي يستدعي، في حال انتشارها، الاستعانة بمساعدات خارجية للسيطرة عليها، مؤكدا أنهم لم يستخدموا حتى كامل طاقاتهم البشرية، بل أداروا الوضع بأقل عدد ممكن من الكوادر، وتمكنوا من السيطرة عليه. وأضاف: “لم نواجه تلوثا من النوع النشط، وحتى الحالات التي وُجدت كانت ضمن مستويات قابلة للتحكم محليا”